وإلى ذلك أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله:«سدِّدوا وقارِبوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا»(٢).
يقول ابن حجر في شرح الحديث:(«وقاربوا» أي لا تفرطوا، فتجهدوا أنفسكم في العبادة؛ لئلا يُفضِي بكم ذلك إلى المَلال؛ فتتركوا العمل فتفرطوا، وقد أخرج البزار:«إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق، ولا تبغضوا إلى أنفسكم عبادة الله، فإن المنبتَّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى» (٣).
وليس المقصود بالقصد التقصير، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوجز الصلاة ويكملها (٤) وفي حديث آخر: (وكانت خطبته قصدًا وصلاته قصداً)(٥)، كما روى ابن عباس في وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... (فتوضأ ولم يكثر من الماء، ولم يقصر في الوضوء)(٦). بل كان القصد صفة بارزة للأنبياء كما في الحديث «السمت الحسن،
(١) نقلاً عن فتح الباري ١١/ ٣٠٠ - الرقاق - باب ١٨. (٢) صحيح البخاري - كتاب الرقاق - باب ١٨ - الحديث ٦٤٦٣ (الفتح ١١/ ٢٩٤). (٣) فتح الباري ١١/ ٢٩٧. حيث قال: (وقد أخرج البزار من طريق محمد بن سوقة عن ابن المندر عن جابر - ولكن صوب إرساله - وله شاهد في الزهد لابن المبارك من حديث ابن عمرو موقوف). (٤) صحيح البخاري - كتاب الأذان - باب ٦٤ - الحديث ٧٠٦ عن أنس بن مالك. (٥) صحيح سنن ابن ماجه للألباني - كتاب الإقامة - باب ٨٥ - الحديث ٩٠٨/ ١١٠٦ (صحيح). (٦) صحيح مسلم - كتاب المسافرين - باب ٢٦ - الحديث ١٨٩ (شرح النووي ٦/ ٢٩٧)