قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود ((١)، فاضطر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يدفع ديته مائة من الإبل، ولم يتهم اليهود بلا بينة.
ولم يجعل الشرع لفاقد البينة إلا يمين خصمه - ولو كان الخصم غير ثقة عند المدعي - ويؤيد ذلك ما رواه مسلم في قصة الحضرمي المدعي على كندي؛ بأنه غصبه أرضه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا، قال:«فلك يمينه»، قال: يا رسول الله إن الرجل فاجر، لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع من شيء، فقال:«ليس لك منه إلا ذلك»(٢)، ولم يعترض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اتهام الرجل لخصمه بعدم التورع في الحلف؛ لأنه من كلام الخصوم بعضهم في بعض - كما بوّب البخاري في الخصومات - وعقب ابن جحر بقوله:) أي فيما لا يوجب حدًا ولا تعزيرًا فلا يكون ذلك من الغِيبة المحرَّمة ((٣)، كما قال ابن حجر:) يمين الفاجر تسقط عنه الدعوى، ولولا ذلك لم يكن لليمين معنى ((٤).
وإن من التثبت: أن ترفض الاستماع إلى النمَّام، فقد جاء في مسند أحمد:«لا يبلغني أحدٌ عن أحدٍ من أصحابي شيئًا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر»(٥).
(١) صحيح البخاري - كتاب الديات - باب ٢٢ - الحديث ٦٨٩٨. (٢) إرواء الغليل ٨/ ٢٥٧ من رواية مسلم - كتاب الإيمان - باب ٦١ الحديث ١٣٩. (٣) فتح الباري ٥/ ٧٣ كتاب الخصومات - باب كلام الخصوم بعضهم في بعض. (٤) فتح الباري ١١/ ٥٦٣ كتاب الأيمان والنذور - باب ١٧. (٥) مسند أحمد ١/ ٣٩٦ وأخرجه الترمذي وأبو داود (جامع الأصول ٨/ ٤٥٢ - الحديث ٦٢٢٢) ضعف الأرناؤوط إسناده - وأشار ابن الأثير الجزري إلى أن الشيخين رويا معناه.