فليقرأه من ابن أم عبدٍ» (١)، فبادر عمر ليلًا لينقل البشرى لابن مسعود، فقال ابن مسعود:(ما جاء بك هذه الساعة؟ قال عمر: جئت لأبشرك بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن مسعود: قد سبقك أبو بكر - رضي الله عنه - قال عمر: إن يفعل فإنه سباق بالخيرات، ما استبقنا خيرًا قط إلا سبقنا أبو بكر)(٢).
ومثل هذه الصورة تكرَّرت عندما طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صحابته أن يتصدَّقوا، يقول عمر: ووافق ذلك عندي مالًا فقلت: اليوم أسبق أبا بكر - إن سبقته يومًا - فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أبقيت لأهلك؟»، قلت: مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال:«يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك؟ فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، عندئذٍ قال عمر: لا أسبقه إلى شيء أبدًا»(٣).
هكذا يكون التنافس بين الأنداد بحب واحترام، وليس بالحقد والامتهان، أما التنافس غير الشريف، فيبدأ فيما بيَّنه النووي في شرح مسلم:(قال العلماء: التنافس إلى الشيء المسابقة إليه، وكراهة أخذ غيرك إياه وهو أول درجات الحسد، وأما الحسد فهو تمني زوال النعمة)(٤).
ومثل ذلك ما بيَّنه ابن حجر:(... والتنافس من المنافسة: وهي الرغبة في الشيء، ومحبة الانفراد به، والمغالبة عليه)(٥).
وفي موضع
(١) صحيح ابن ماجه للألباني - المقدمة - باب ١١ - الحديث ١١٤/ ١٣٨ (صحيح). (٢) مسند أحمد ١/ ٣٨ عن عمر بن الخطاب، وصحح أحمد شاكر إسناده في تعليقه على المسند (٢٦٥). (٣) صحيح سنن الترمذي - كتاب المناقب - باب ٤١ - الحديث ٢٩٠٢/ ٣٩٣٩ (حسن). (٤) شرح صحيح مسلم ١٨/ ٣٠٨ من شرح الحديث (٧) من كتاب الزهد. (٥) فتح الباري ١١/ ٢٤٥ - من شرح الباب ٧ من كتاب الرقاق.