عمر:(أما والله لو أنه مكث، مازلت أعطيه - ما بقي من المال درهم - رجل ضُرب ضربة في سبيل الله، خضَّرت وجهه)(١)، وهكذا يكون الوفاء لذوي سابقة الخير.
ولا ننسى أن نشير إلى التكافل النفسي فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبر عنه بالإجمال فقال:«مَن نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة»(٢).
وقد بلغ من تكافل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه كان يتفقد صحابته الذين لا يراهم، ويسأل عن مشاكلهم، وأمثلة ذلك في السنة كثيرة، أختار منها ما ورد في قصة إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه -، وفي آخرها أنه جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - من بعض المغازي مثل بيضة الدجاجة من ذهب، فتذكر سلمان، وأنه بقي عليه مال ليُعتق نفسه، فقال: ما فعل الفارسي المكاتب؟ فأرسل إليه واستدعاه، فلما جاء قال له:(خذ هذه. فأدّ بها ما عليك يا سلمان)(٣)، قال سلمان:(فأوفيتهم حقهم وعُتقت فشهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخندق ثم لم يَفُتْني معه مشهد)، وكم يكتسب الداعية قلوب المدعُوِّين حين يرون أنه يفكر بهم، ويسعى في أمرهم، ويهيئ الخير لهم!
ومن التكافل الشعوري: تفقُّد حال الأخ، والاطمئنان على ظروفه، وتطييب خاطره، فقد ورد أن ثابت بن قيس بن الشماس لَمَّا نزلت الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ
(١) حياة الصحابة ٢/ ٢٢٢ حيث عزاه إلى أبي نعيم في الحلية ٣/ ٣٥٥. (٢) أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي (جامع الأصول ٦/ ٥٦٢ - الحديث ٤٧٩٣). (٣) مسند أحمد ٥/ ٤٤١ - ٤٤٤. قال الحافظ في الإصابة: رويت قصة سلمان من طرق كثيرة أصحها ما أخرجه أحمد ... (بلوغ الأماني ٢٢/ ٢٦٥ - ٢٦٦).