ومن ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لكل شيء زكاة وزكاة العلم نشره "(١) فهم المقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة والراكعون بالحقيقة ظاهرا أو باطنا وإياهم عنى الله بذلك.
وقد روت العامة أن هذه الآية نزلت في علي - صلى الله عليه وسلم - وذلك قالوا: إنه تصدق بخاتمه على سائل مر به وهو راكع.
وقد جاء في كتاب الدعائم عن محمد بن علي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن قول الله:{إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا}(٢) من عنى بالذين آمنوا؟ فقال: إيانا عنى بذلك وأنه سئل عن قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا}(٣) في مواضع كثيرة من القرآن من مثل هذا مما لا يجوز أن يعنى بها جميع المؤمنين وقال: إيانا عنى بذلك. وقال في بعضها: وعلي - صلى الله عليه وسلم - أولنا وأفضلنا وأخيرنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فكان ذلك من قوله مما يؤيد ما ذكرناه من أن الأئمة هم الذين عنى الله بقوله:{يا أيها الذين آمنوا} فيما يرتفع من حدود المؤمنين دونهم وأن اسم الإيمان يجمعهم وإياهم وكذلك المعنيون صلى الله عليهم بكثير من القول في القرآن مما قد ادعته العامة لأنفسها مثل قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}(٤) ومثل قوله: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}(٥) ومثل قوله {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}(٦) ومثل قوله {وكونوا مع الصادقين}(٧) ومثل قوله {هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج}(٨) ومثل قوله: {الصديقون والشهداء}(٩) ومثل قوله: {ولكل قوم هاد}(١٠) ومثل قوله: {والراسخون في العلم}(١١) ومثل قوله {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا}(١٢) ومثل هذا كثير. (١٣)
ويقول: فالمراد بالعلم في ذلك العلم المأثور عن أولياء الله وأنبيائه
(١) لم أجده كاملا والمشهور في كتب الأحاديث الضعيفة والموضوعة حديثان: لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصوم، لكل شيء زكاة وزكاة البيت دار الضيافة. (انظر كمثال العلل المتناهية في الأحاديث الواهية رقم ٨٢٥، ٨٨٥). (٢) المائدة: ٥٥. (٣) آل عمران: ٢٠٠. (٤) البقرة: ١٤٣. (٥) العنكبوت: ٤٣. (٦) النساء: ٥٨. (٧) التوبة: ١١٩. (٨) الحج: ٧٨. (٩) الحديد: ١٩. (١٠) الرعد: ٧. (١١) آل عمران: ٧. (١٢) فاطر: ٣٢. (١٣) تأويل الدعائم ص: ٦١ - ٦٥.