وروى عبد الرزاق بسند على شرط الشيخين عن أم سلمة، والبخاري والبيهقي [ (١) ] عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يبنون المسجد، جعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل كل رجل منهم لبنة لبنة، وعمّار يحمل لبنتين: لبنة عنه ولبنة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره وقال: «يا بن سميّة للناس أجر ولك أجران، وآخر زادك شربة من لبن، وتقتلك الفئة الباغية، تدعوهم إلى الجنّة ويدعونك إلى النار» ، وعمّار يقول:«أعوذ بالله من الفتن» .
وروى أبو يعلى برجال الصحيح إلا أن التابعي لم يسمع عن عائشة رضي الله عنها قالت:«لما أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة جاء بحجر فوضعه، وجاء أبو بكر بحجر فوضعه، وجاء عمر بحجر فوضعه، وجاء عثمان بحجر فوضعه، قالت: فسئل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: «هذا أمر الخلافة من بعدي»
[ (٢) ] .
وروى البيهقي بسند قوي جيّد عن سفينة [ (٣) ] رضي الله عنه نحوه، وفيه قال:«هؤلاء ولاة الأمر من بعدي» .
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنهم كانوا يحملون اللّبن إلى بناء المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:«فاستقبلت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو عارض لبنة على بطنه فظننت أنها شقّت عليه، فقلت: «يا رسول الله ناولنيها» . فقال:«خذ غيرها، لا عيش إلا عيش الآخرة» .
وهذا كان في بنائه المرّة الثانية، لأن أبا هريرة لم يسلم في الأولى.
وروى يحيى بن الحسن عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن أبيه، قال:«خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه حجر، فلقيه أسيد بن حضير، فقال: يا رسول الله أعطنيه. فقال: «اذهب فاحتمل غيره فإنك لست بأفقر إلى الله مني»
[ (٤) ] .
وروى الإمام أحمد ويحيى بن الحسن عن طلق بن علي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يبني المسجد، والمسلمون يعملون فيه معه، وكنت صاحب علاج وخلط طين، فأخذت المشحاة أخلط الطين والنبي- صلى الله عليه وسلم- ينظر إليّ ويقول:«إن هذا الحنفيّ لصاحب طين» . وكان يقول:«قرّبوا اليماميّ من الطين فإنه أحسنكم له مسكا وأشدّكم منكبا»
[ (٥) ] .
[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٢/ ٢٦٩. [ (٢) ] أخرجه أبو نعيم في المسند ٨/ ٢٩٥ (٤٨٨٤) وذكره الهيثمي في المجمع ٥/ ١٧٦ وعزاه لأبي يعلى وقال: ورجاله رجال الصحيح، غير التابعي فإنه لم يسم، وذكره ابن حجر في المطالب (٣٨٤١) . [ (٣) ] سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قيل: كان اسمه مهران وقيل: طهمان وقيل: مروان وقيل: نجران وقيل: رومان وقيل: ذكوان وقيل: كيسان وقيل: سليمان وقيل غير ذلك الإصابة ٣/ ١٠٩. [ (٤) ] أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٨١. [ (٥) ] أخرجه ابن سعد في الطبقات ٥/ ٤٠٢.