قال الراغب: الأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما إما دين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع تسخيرًا أو اختيارًا (٢).
ثم قال بعد ذلك (٣): وقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} أي: قائمًا مقام جماعة في عبادة اللَّه نحو قولهم: فلان في نفسه قبيلة، وكما روي أنه يحشر زيد بن عمرو أمة وحده (٤).
وذكر صاحب "الكشاف"(٥) في معنى قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} وجهين:
أَحَدُهُمَا: نحو الذي أشار إليه الراغب، أي: كان وحده أمة من الأمم لكماله في جميع صفات الخير كقول بعضهم:
وليس على اللَّه بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
قال مجاهد: كان مؤمنًا وحده والناس كلهم كفار.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أن يكون أمة بمعنى مأموم، أي: يؤمه الناس ليأخذوا منه الخير، أو بمعنى مؤتم به كالراحلة وما أشبهها مما جاء من فعلة بمعنى مفعول، فيكون مثل
(١) النحل: الآية ١٢٠ - ١٢٣. (٢) "مفردات القرآن" (١/ ٥٥). (٣) "مفردات القرآن" (١/ ٥٥). (٤) رواه النسائي في "السنن الكبرى" (٨١٨٧، ٨١٨٨) من حديث أسماء وزيد بن حارثة، والحاكم (٣/ ٢٣٨) من حديث زيد بن حارثة، وصححه. (٥) "الكشاف" (١/ ٦٧١).