فهو: فإن قيل: لا دليلَ في الحديث على فضيلتها؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - شبّه صيامها بصيامِ الدّهر، وهو مكروهٌ.
والجواب: أنّه كَرِة صوم الدهر، لما فيه من الضعف، والتشبيه بالتبتل، لولا ذلك لكان فضلاً عظيماً لاستغراقه الزمان بالعبادة والطّاعة.
والمراد بالخبر: التشبّه في حصول العبادة على وجه عُري عن المشقة، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَامَ ثَلاَثَة أيامٍ مِنْ كُلِّ شَهرٍ كَانَ كمَنْ صَامَ الدَّهْر"(١).
ذكر ذلك: حثاً على صيامها وبيان فضلها، ولا خلاف في استحبابها.
ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن عمرو عن قراءةِ القرآن أقلَّ من ثلاثٍ (٢).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرآنِ" (٣).
(١) رواه الإمام أحمد (٥/ ١٤٥) وابن ماجه (١٧٠٨) والترمذي (٧٦٢) والبزار في مسنده (٣٩٠٤) والنسائي (٤/ ٢١٩) وابن عدي (٦/ ٢٤٣١) والبغوي في شرح السنة (١٨٠١) من حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -. (٢) رواه الدارمي (١/ ٣٥٠) والإمام أحمد (٢/ ١٦٤ و ١٩٣ و ١٩٥) وأبو داود (١٣٩٤) والترمذي (٢٩٤٧ و ٢٩٥٠) وابن ماجه (١٣٤٧) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث". وقال رجلٌ لإبراهيم النخعي: إني أختم القرآن كل ثلاث، قال: ليتك تختمه كل ثلاثين وتدري أي شيءٍ تقرأ. العقد الفريد لابن عبد ربه (٢/ ٨٨). (٣) رواه بهذا اللفظ: النسائي في الكبرى (٩٩٤٦) عن أبي أيوب - رضي الله عنه -. ورواه أيضاً (١٠٥٢١) عن أُبَيّ بن كعب، عن رجل من الأنصار. و (١٠٥٢٢) عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -.=