المدارس والرباطات عديدة، ولكنه نوه قائلًا إن النظامية كانت أعظمها جميعًا، على حين شغلت مدرسة المستنصرية أجمل مبنى (نزهة القلوب، ص ٤٠ - ٤٢). وقد يُردّ ضريح الست زبيدة إلى هذا العهد، والسيدة التي أطلق اسمها عليه قد تكون زبيدة، حفيدة أكبر أبناء المستعصم (العزاوى، جـ ١، ص ٤٠٦).
وفي عام ٧٤٠ هـ (١٣٣٩ م) مكّن حسن بُزرْك لنفسه في بغداد وأسس الدولة الجلائرية التي ظلت في الحكم حتى عام ٨١٣ هـ (١٤١٠ م). ويرجع مسجد مرجان إلى هذا العهد. ونعلم من نقوشه أن مرجان، وهو من قواد أويس، شرع في بناء المدرسة ومسجدها في عهد حسن بزرك وأتم بناءها في عهد أويس عام ٧٥٨ هـ (١٣٣٧ م). وكانت المدرسة وقفًا على الشافعية والحنفية (نص النقوش وارد في كتاب الآلوسى: المساجد، ص ٤٥ وما بعدها؛ Mission: Massignon، جـ ٢، ص ١ وما بعدها). ولم يبق الآن من المدرسة -أو المسجد فيما بعد- إلا الباب.
ونسمع فيما عدا ذلك عن فيضان أو حصار أو فتن أحدثت ضررًا بليغًا وخسارة فادحة.
وقد استولى تيمور على بغداد مرتين، أولاهما عام ٧٩٥ هـ (١٣٩٢ - ١٣٩٣ م) وفيها نجت المدينة ولم يلحقها إلا ضرر قليل، والثانية عام ٨٠٣ هـ (١٤٠١ م) عندما أُعمِلَ السيف في رقاب أهلها بلا تمييز وخرب الكثير من مبانيها العامة (العباسية) وأحيائها. وكانت هذه ضربة قاضية على الثقافة في بغداد. وعاد أحمد الجلائرى إلى بغداد عام ٨٠٧ هـ (١٤٠٥) وأصلح الأسوار التي دمرها تيمور وحاول ترميم بعض المبانى والأسواق ولكن حياته كانت قصيرة.
وانتقلت بغداد عام ٨١٣ هـ (١٤١٠ م) إلى أيدى التركمان القره قويونلى الذين احتفظوا بها حتى عام ٨٧٢ هـ (١٤٦٧ - ١٤٦٨ م)، وجاء بعدهم التركمان الآق قويونلى. واستمرت بغداد تنحدر إلى هوة أعمق في عهد التركمان وعانت كثيرًا من فساد الحكم، وهجر المدينة عدد كبير