للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأخبار ما يؤيده، بل جاء في غير ما خبر أن الصحابة رأوا الملائكة عليهم السلام. (١)

وبعد أن بشرهم بنزول الملائكة، وطمأن قلوبهم بالنصر، أكد لهم مرة أخرى على التعلق بالله تعالى وأنه خالق الأسباب، وأن كل شيء منه، فلا يركنوا إلا إليه ولا يتوكلوا إلا عليه في النصر وفي تحقيق كل أمورهم وتيسيرها فقال: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: ١٠]، أي لا تحسبوا النصر من الملائكة فإن الناصر هو الله لكم وللملائكة، أو وما النصر بالملائكة وغيرهم من الأسباب إلا من عند الله، والمنصور من نصره الله تعالى، وختمت الآية الكريمة بقوله تعالى: {إِن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، بصيغة الخبر المؤكد فنزل المخاطبين منزلة من يتردد في أنه تعالى موصوف بهاتين الصفتين، وهما العزة المقتضية أنه إذا وعد بالنصر لم يعجزه شيء. والحكمة فيما يصدر من جانبه يجب غوص الأفهام في تبين مقتضاه، فكيف لا يهتدون إلى أن الله لما وعدهم الظفر بأحدى الطائفتين، وقد فاتتهم العير أن ذلك آيل إلى الوعد بالظفر بالنفير. وإن كانت الجملة في نفس الوقت مستأنفة استئنافاً ابتدائياً جعلت كالإخبار بما ليس بمعلوم لهم. (٢)

أخرنا الكلام على المعنى الثاني من نزول الملائكة، وهو قتال الملائكة في بدر مع المؤمنين مناسبة لسياق الأحداث، مع نزول الآية التى تتحدث عنه.

والآن مع المشهد التالى وهو في قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (١١)} [الأنفال: ١١].


(١) أبا السعود، إرشاد العقل السليم (٢/ ٣٤٦ - ٣٤٧)، والزمخشرى، الكشاف (٢/ ١١٦ - ١١٧)، والألوسى، روح المعانى (٦/ ٢٥٢ - ٢٥٣).
(٢) انظر الزمخشرى، الكشاف (٢/ ١١٧)، أبا حيان، البحر المحيط (٥/ ٢٨٠)، الفخر الرازى، التفسير الكبير (٧/ ٤٥٢)، أبا السعود، إرشاد العقل السليم (٢/ ٣٤٦ - ٣٤٧)، الألوسى، روح البيان (٦/ ٢٥٢ - ٢٥٣)، الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير (٩/ ٢٧٦ - ٢٧٧)، الطبرى، جامع البيان (٩/ ١٢٨ - ١٢٩).

<<  <   >  >>