كان - رضي الله عنه - صادق الإسلام طاهر القلب، وكان مولاه أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول له:«لا تزال هكذا حتى تموت، أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى»، فيقول وهو في ذلك البلاء:«أحد أحد». (١)
وروى أن بلالاً قال: «أعطشونى يوماً وليلة، ثم أخرجونى فعذبونى في الرمضاء في يوم حار (٢)، وعندما رأه أبو بكر - رضي الله عنه - في هذه الحالة ساوم سادته على شرائه، فاشتراه وأعتقه بخمس أواق، وهو مدفون بالحجارة.» (٣)
وفي الصحيح أن بلالاً قال لأبى بكر:«إن كنت إنما اشتريتنى لنفسك فأمسكنى، وإن كنت اشتريتنى لعمل الله فدعنى وعمل الله.»(٤)
هذا غير بلاء عريض ناله إلى أن أعتقه أبو بكر - رضي الله عنه -، ومازال الاضطهاد قائماً حتى بعد عتقه إذ كان البلاء نازلاً على غيره وهم أحرار.
خباب بن الأرت:
هو خباب بن الأرت ... التميمى ويقال الخزاعى، سُبِىَ في الجاهلية، فبيع بمكة، وكان مولى لأم أنمار الخزاعية، وقيل غير ذلك، ثم حالف بنى زهرة، كان يعمل قيناً – حداداً – يصنع السيوف، وكان من السابقين الأولين إلى الإسلام.
(١) د. مهدى رزق الله، السيرة النبوية (١٨٨). (٢) البلاذرى، أنساب الاشراف (١/ ١٨٦). (٣) ابن حجر، الفتح (٤/ ٢٢٨)، وابن عبد البر، الاستيعاب (٢/ ٣٤)، بسند قوى، وذكره البغوى والخازن ()، سورة الليل، والبلاذرى، أنساب الاشراف (١/ ١٨٦). (٤) البخاري، الصحيح (ح ٥٥٣٧).