فهذا تفسير نبوي فعلي لقوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء: ٢١٤].
٤ - عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ هذه الآية:{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا}[الأعراف: ١٤٣]، قال هكذا: وأمسك بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى، قال:(فساخ الجبل، وخر موسى صعقا)(١).
وأما التقرير؛ فيبدو أن أمثلته قليلة جدا، ومنها: ما جاء عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء حبر من اليهود، فقال: إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والخلائق على إصبع، ثم يهزهن، ثم يقول: أنا الملك أنا الملك. فلقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يضحك حتى بدت نواجذه تعجبا وتصديقا لقوله، ثم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر: ٦٧](٢). فهذا تقرير نبوي يفيد في تفسير الآية.
ومن الأمثلة أيضا: ما جاء عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- لما بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام ذات السلاسل؛ قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال:(با عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟!) قال: قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله عز وجل:{ولَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩]،
(١) انظر دراسة الحديث والكلام عليه برقم (٨٦) من أحاديث البحث. (٢) أخرجه البخاري رقم (٧٥١٣) في التوحيد: باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة، وفي مواضع أخرى، ومسلم رقم (٢٧٨٦) في صفة القيامة والجنة والنار.