وفيما يلي ما وقفت عليه ممّا أميت من هذه الأوجه الستة:
أ - إماتة الماضي دون غيره:
اشتهر عند اللّغويين والنّحاة قولهم إن العرب أماتت ماضي الفعل (يَدَعُ) وكذلك ماضي (يَذَرُ) استغناء عنهما بـ (تَرَكَ) ١ وهم يقولون: ذر ذا ودعه؛ أي: اتركه، كما يقولون: يذره ويدعه، ولا يقولون: وَذَرْتُهُ ولا وَدَعْتُهُ، ولكن تركته، ولا يقولون: واذرٌ ولا وادع ولكن تارك٢؛ قال تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُوْنَ أَزْوَاجاً} ٣ و {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتُرُوْن} ٤.
واستعملوا (فعّل) من (وَدَعَ) قالوا: ودّعته، وفي القرآن {مَا وَدَّعَكَ رُبُّكَ وَمَا قَلَى} ٥.
ولم يكن حكمهم بإماتة الفعل (وَدَعَ) محلّ اتفاق عند النّحاة؛ لورود هذا الفعل في قراءة النبي – صلى الله عليه وسلم – وعروة بن الزُّبير وأبي حَيْوَة وابن أبي عبلة {مَا وَدَّعَكَ رُبُّكَ وَمَا قَلَى} ٦.
١ ينظر: الكتاب ١/٢٥، ٤/٣٩٩، والفصيح ٢٨٩، والمسائل العسكرية ١٣٥، ١٣٦، وتصحيح الفصيح ١٢٧ أ، والمغرب ٢/٣٤٥. ٢ ينظر: إسفار الفصيح ٢٠٣، ٢٠٤. ٣ سورة البقرة: الآية ٢٣٤. ٤ سورة الأنعام الآية ١١٢. ٥ سورة الضحى: الآية ٣. ٦ سورة الضحى: الآية ٣، وينظر: المحتسب ٢/٣٦٤، ومختصر في شواذ القرآن ١٧٥، والدر المصون ١١/٣٦.