وأميت الفعل (حَبَّ) اكتفاء بـ (أَحَبّ) قال الكسائي: "محبوب من حَبَبتُ، وكأنّه لغة قد ماتت"١ يريد أنّ الفعل الثلاثي المجرّد هو الّذي أميت، وبقي اسم المفعول منه وهو محبوب، فهم يقولون: أحبّه فهو محبوب، مبنياً على الثّلاثيّ الممات، وليس على الرّباعيّ.
قال أبو جعفر النحّاس:(قال الكسائي: يقال: يحِبّ وتَحِبُّ وأَحِبُّ، ويِحِبُّ - بكسر الياء - وتِحِبُّ ونِحِبُّ وإحِبّ، قال: وهذه لغة بعض قيس يعني الكسر، قال: والفتح لغة تميم وأسد وقيس، وهي على لغة من قال: حَبَّ، وهي لغة قد ماتت. قال الأخفش: لم تسمع حببت. قال الفراء: لم نسمع حببت إلا في بيت أنشده الكسائيّ:
[فَوَ اللَّهِ] لَوْلا تَمْرُهُ ما ... ولا كَانَ أَدْنَى مِن عُبَيدٍ ومُشْرقِ)
وقال الأصمعي:"يقال تَحِب - بفتح التاء، ولا أعرفه في غير التاء، ولا أعرف حَبَبْتُ"٣.
ومثل هذا قولهم: أحنط الرِّمث، فهو حانط؛ إذا أثمر، فحانط اسم فاعل من الفعل الثّلاثيّ الممات، وهو (حنط) ٤.
وشبيه به قولهم: أَيْفَعَ الغُلام فهو يافع وأبقل الموضع فهو باقل، وأَوْرَسَ الرّمث فهو وارس٥، فكأنّهم أماتوا (فَعَلَ) من هذه الأفعال، أو شرعوا في
١ شرح القصائد المشهورات ٢/١١. ٢ إعراب القرآن ١/٣٦٧، وما بين المعقوفين تصويب من المصادر. ينظر: شرح المفصل لابن يعيش ٧/١٣٧، ومغنى اللبيب ٤٧٣، وشرح شواهد المغني ٢/٧٨٠. ٣ ينظر: شرح القصائد المشهورات ٢/١١. ٤ ينظر: الجمهرة ١/٥٥١. ٥ ينظر: المخصص ١٥/٦٨، ٦٩.