فقبلها كسرى، وأمر بإثبات هذه الصفة في دواوينه، فلم يزالوا يتوارثونها حتى أفضى ذلك إلى كسرى بن هرمز، فقرأ عليه زيد هذه الصفة، فشق عليه، فقال زيد- والرسول يسمع-: أما في عين السوداء وفارس ما تبلغون حاجتكم! فقال الرسول لزيد: ما العين؟ قال: البقر، فقال زيد للنعمان: إنما أراد كرامتك، ولو علم أن هذا يشق عليك لم يكتب إليك به.
فأنزلهما يومين، ثم كتب إلى كسرى: إن الّذي طلب الملك ليس عندي، وقال لزيد: اعذرنى عنده، فلما رجع إلى كسرى، قال زيد للرسول الّذي جاء معه: اصدق الملك الّذي سمعت منه، فإنّي سأحدثه بحديثك ولا أخالفك فيه.
فلما دخلا على كسرى، قال زيد: هذا كتابه، فقرأه عليه، فقال له كسرى:
فأين الّذي كنت تخبرني [به] ؟ قال: قد كنت أخبرتك بضنهم بنسائهم على غيرهم، وأن ذلك من شقائهم واختيارهم الجوع والعرى على الشبع والرياش، واختيارهم السموم والرياح على طيب أرضك هذه، حتى إنهم ليسمونها السجن،
[ (-) ] الخد الأسيل: الطويل المسترسل الأملس. - الجثلة: كتفية الشعر سوداؤه. - العيطاء: الطويلة العنق. - الشاشة: رأس العظم. - غرثى الوشاح: دقيقة الخصر. - الرداع: العجزاء الثقيلة الأوراك التامة الخلق. والقيل: ما استقبلك من مشرف. - اللفاء: الضخمة الفخذين المكتنزتهما. - المأكمتان: اللحمتان اللتان على رءوس الوركين. - مفعمة الساق: ممتلتها. - مشبعة الخلخال: كناية عن سمن الساقين. - القطوف: من القطاف، وهو تقارب الخطو. - المكسال: المرأة لا تكاد تبرح مجلسها، وهو مدح لها عندهم كقولهم: نئوم الضحى. - البضة: الناعمة. - الخنساء: من الخنس، وهو تأخر الأنف الرأس وارتفاعه عن الشفعة. - السفعاء: من السفع، وهو السواد.