فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجدها مع أحد غيره، لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ] [ (١) ] حتى خاتمة بَراءَةٌ [ (٢) ] ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه اللَّه تعالى، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر [رضي اللَّه عنه] [ (١) ] . ذكره في كتاب فضائل القرآن، وترجم عليه جمع القرآن [ (٣) ] ، وفي كتاب الأحكام [ (٤) ] ، وفي كتاب التفسير [ (٥) ] ، وخرجه الترمذي في التفسير [ (٦) ] .
وللبخاريّ من حديث هشام بن يوسف، أن ابن جريج أخبرهم قال: وأخبرني يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة [أم المؤمنين] [ (٧) ] رضي اللَّه عنها، إذ جاءها عراقي فقال: أي الكفن خير؟ قالت ويحك! وما يضرك؟ قال: يا أم المؤمنين، أريني مصحفك، قالت: لم؟ قال:[لعلي] [ (٧) ] أؤلف القرآن عليه فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيّه قرأت، قيل: إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصّل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل: لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبدا، لقد نزل بمكة على محمد صلّى اللَّه عليه وسلم وإني لجارية ألعب: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ [ (٨) ] ، وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده، قال: فأخرجت له الصحف وأملت عليه-
[ (١) ] زيادة من رواية البخاري. [ (٢) ] أول سورة التوبة. [ (٣) ] (فتح الباري) : ٩/ ١٢- ١٣، حديث رقم (٤٩٨٦) . [ (٤) ] (فتح الباري) : ١٣/ ٢٢٧، باب (٣٧) يستحبّ للكاتب أن يكون أمينا عاقلا، حديث رقم (٧١٩١) . [ (٥) ] (فتح الباري) : ٨/ ٤٣٧، باب (٢٠) لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ من الرأفة، حديث رقم (٤٦٧٩) . [ (٦) ] (تحفة الأحوذي) : ٨/ ٤٠٥، باب تفسير سورة التوبة، حديث رقم (٣٣٠٢) ، وقال في آخره: هذا حديث حسن صحيح. [ (٧) ] زيادة للسياق من البخاري. [ (٨) ] القمر: ٤٦.