وأقبل فتيان قريش بسهامهم وسيوفهم، ومعهم من يقصّ الأثر، حتي انتهى إلى الغار فقال لهم: إلي هنا انتهى أثره، فما أدرى بعد ذلك أصعد إلى السماء أم غاص في الأرض! فقال لهم قائل: ادخلوا الغار، فقال أميّة بن خلف: ما تنظرون إلى الغار، وإن عليه لعنكبوتا قبل ميلاد محمد؟ فسمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حديثهم، فقال صلّى الله عليه وسلّم:«اللهمّ اعم بصرهم» فجعلوا يترددون حول الغار، لا يرون أحدا، ويقولون: لو دخلا هذا الغار تكسّر بيض الحمام وتفسّخ بيت العنكبوت. فعلما أن الله تعالى حمي حماها بالحمام، وصرف عنهما كيد الأعداء بالعنكبوت، ولقد حصل للعنكبوت الشرف بذلك.
روى ابن وهب أنّ حمام مكة أظلت النبى صلّى الله عليه وسلّم يوم فتحها، فدعا لها بالبركة.
ونهى عن قتل العنكبوت. وقال:«هى جند من جنود الله» .
إلّا أن البيوت تطهّر من نسجها لأنه يورث الفقر «٢» .
(١) حيّا من التحيّة، والحيا: المطر والخصب، وهو دعاء للعنكبوت والحمامتين؛ لأنهما فعلا شيئا لم يفعله بنو ادم. (٢) فى الأسلوب ركاكة، ولعل سقطا حدث في الكلام أوجب هذه الركاكة. وأسند الثعلبى وابن عطية عن الإمام على رضى الله عنه وكرّم الله وجهه أنه قال: «طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت؛ فإن تركه في البيت يورث الفقر» . وقد نسجت العنكبوت على الغار الذى دخله «عبد الله بن أنيس» لما بعثه النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى قتل خالد بن نبيح بالعرنة، فقتله واحتمل رأسه، وطارده الكفار، فدخل غارا، فنسجت عليه العنكبوت، وجاء الطلب فلم يجدوا شيئا، فرجعوا. ونسجت على سيدنا داود عليه الصلاة والسلام حين طلبه عدوّ الله جالوت، ونسجت على عورة الإمام زيد بن علي بن الحسين، لما قتل، وصلبوه عريانا رضى الله عنه عام ١٢١ هجرية، لعن الله كل من اشترك في قتله ولو بحرف من كلمة.