إذهاب الرجس أى الإثم عنهم، وتطهيرهم من سائر الأخلاق والأحوال المذمومة، وتحريمهم علي النار الذى هو فائدة ذلك التطهير وغايته؛ إذ منه الإلهام والإنابة إلى الله وإدامة الأعمال الصالحة، ومن ثمّ لما ذهبت عنهم الخلافة الظاهرة لكونها صارت ملكا عضوضا ولم تتم للحسن، عوّضوا عنها الخلافة الباطنة، وهى القطبية، فلم يكن قطب إلا منهم في كل زمان، وهو المختار خلافا للمرسي.
ومن تطهيرهم أيضا تحريم الصدقة عليهم فرضا بالإجماع. ونفلا على قول للإمام مالك؛ لأنها أوساخ الناس، مع كونها تنبئ عن ذل الاخذ وعز المأخوذ منه، وعوّضوا عنها خمس الخمس من الفيء والغنيمة المنبىء عن عز الاخذ وذل المأخوذ منه، فاختصوا بمشاركته صلّى الله عليه وسلّم في تحريم الصدقات، ولما أخذ الحسن ابن علي رضى الله عنهما تمرة من تمر الصدقة ووضعه في فيه قال له النبى صلّى الله عليه وسلّم:«كخّ كخ ارم بها أما علمت أنّا لا نأكل الصدقة»«١» وفي رواية «إنّ ال محمد لا يأكلون الصدقة» وحكمة ختم الاية «٢» به المبالغة في وصولهم لأعلاه، ودلت هذه الاية أيضا على نبوته صلّى الله عليه وسلّم، وعلى فضل أهل الكساء رضى الله تعالى عنهم.
فلا خفاء أن من انتسب إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بأم أو أب ففيه سريان لحمه ودمه الكريمين، فالمنتمى إليه هو بعضه في وجوب الإجلال والتعظيم والتعزيز
(١) متفق عليه عن أبى هريرة، وفي الفتح الكبير «أما شعرت» بدل «أما علمت» . (٢) أى بقوله يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.