بينما محمد بن علي بن الحسين في فناء الكعبة أتاه أعرابيٌّ فقال له:"هل رأيتَ الله حيثُ عَبَدْتَهُ"! ". فأطرق، وأطرق مَنْ كان حوله! ثم رفع رأسه إليه فقال: "مَا كنتُ أَعْبُدُ شيئًا لم أره".
فقال (٢): "وكيف رأيتَهُ؟ ! ".
قال: "لم تَرَه الأبصارُ بمشاهدة العيان؛ ولكن رَأَتْهُ القلوبُ بحقائقِ الإيمان. لا يُدْرَك بالحَوَاس، ولا يُقاس بالنَّاس. معروفٌ بالآيات، منعوتٌ بالعَلَامَات. لا يَجُورُ في قضيَّته، بَانَ من الأشياء، وبَانَتْ الأَشياءُ منه. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}(٣)، ذلك الله الذي لا إله إلَّا هو". فقال الأَعرابيُّ: "{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}(٤) ".
= القاضي الإستراباذي تَرْجَمَهُ الخطيب في "تاريخه" (٧/ ٣١١) وقال: "كتبتُ عنه، وكان صدوقًا فاضلًا صالحًا". وأبو بكر القطيعيّ (صدوق في نفسه، مقبول، تغيَّر قليلًا) كما قال الذهبي في "الميزان" (١/ ٢٢١) والعبَّاس بن يوسف، هو الشِّكلِيّ، ذكره الخطيب في "التاريخ" (١٢/ ١٥٢) ولم يذكر فيه شيئًا، سوى أنه قال: "كان صالحًا متنسِّكًا". ومثله السَّمعاني في "الأنساب" (٣/ ٤٤٩). وأحمد بن روْح القرشي لم أجد له ترجمة بهذا الاسم، ولعلَّه أحمد بن روح المصري البزاز، وإنْ كان هو فقد مضى كلام الذَّهبيِّ عنه عند حديث (١٤٤): "بغدادي يُجهل! "، وإلَّا فالله تعالى أعلم. (١) (٥/ ٣٩٥ - تحقيق مشهور) - رقم (٢٢٥٧) من طريق محمد بن موسى بن حمَّاد، عن محمد بن الحارث، عن المدائني قال: ... وذكره. وإسنادُهُ ضعيفٌ. فيه محمد بن موسى بن حمَّاد البربري. قال الدارقطنيُّ: "ليس بالقوي". "اللسان" (٥/ ٣٩٤). وقال الحافظ الذَّهبيُّ في "سير أعلام النبلاء" (١٤/ ٩١) عقب ذكره كلامَ الدَّارقطنيِّ السابق: "قلت: غيره أتقن منه". (٢) في (م): قال. (٣) الشورى (آية: ١١). (٤) الأنعام (آية: ١٢٤) هكذا وردت الآية في سائر النُّسخ، وأشار محقِّق "المجالسة" أنه كذلك في الأصل؛ وهي قراءة متواترة. قال ابن الجزري في "النشر في القراءات العشر" (٢/ ٢٦٢): (واختلفوا في {رِسَالاتِهِ}، فقرأ ابن كثير وحفص: {رِسَالَتَهُ} بحذف الألف بعد اللام، ونصب التاء على التوحيد. وقرأ الباقون بالألف وكسر التَّاء على الجمع". وانظر: "التيسير في القراءات السبع" لأبي عمرو الدَّاني (ص ٨٨).