والجهمية ومن تبعهم من الخوارج وبعض الشيعة والمرجئة (١).
قال القرطبي:"فأكثر المبتدعة على إنكار جوازها في الدنيا والآخرة"(٢) وقال: "ومنع ذلك - أي الرؤية - فرق من المبتدعة منهم: المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة"(٣).
وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه من الباطل بأدلة سمعية لا تسلم لهم منها قوله تعالى:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}(٤)، فقالوا: نفى الله تعالى في الآية أن يدرك بالأبصار.
قال القرطبي في نقض هذا الاستدلا: "الاستدلال بقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} فيه بعد إذ يفرق بين الإدراك والإبصار، فيكون معنى {لَا تُدْرِكُهُ}: لا تحيط به مع أنها تبصره، قاله سعيد بن المسيب. وقد بقي الإدراك مع وجود الرؤية في قوله تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا} (٥) أي: لا يدركونكم، وأيضًا: فإن الإبصار عموم، وهو قابل للتخصيص، فيخصص بالكافرين، كما قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥)} (٦) ويكرم المؤمنون أو من شاء منهم بالرؤية، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (٧). وبالجملة فالآية ليست نصًّا، ولا من
(١) انظر الرؤية وتحقيق الكلام فيها للحمد ص (٢٦). (٢) المفهم (١/ ٤٠١). (٣) المفهم (١/ ٤١٤). (٤) سورة الأنعام، آية: ١٠٣. (٥) سورة الشعراء، آية: ٦١، ٦٢. (٦) سورة المطففين، آية: ١٥. (٧) سورة القيامة، آية: ٢٢، ٢٣.