وننتَقِلُ مِن هذا إلى نُقطةٍ مُهمَّةٍ أشارَ إليها شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ رَحِمَهُ اللهُ وهو أنَّ صِفاتِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ليست هي اللهُ. فلا يَجوزُ دُعاءُ الصِّفةِ ولا السُّجودُ لصِفاتِ اللهِ، ولهذا قال شَيخُ الإسلامِ رَحِمَهُ اللهُ: مَن دعا صِفةً من صِفاتِ اللهِ فإنَّه كافرٌ بالاتِّفاقِ (١)، يَعني: لو قال قائِلٌ: يا رَحمَةَ اللهِ ارحَميني، كيف يا رَحمَةَ اللهِ ارحميني، هل الرَّحمَةُ شَيءٌ بائنٌ عنِ اللهِ يَستطيعُ أن يَرحَمَ؟ لا، فإذا قُلتَ: يا رَحمةَ اللهِ ارحميني، مَعناها أنَّك جَعلْتَ معَ اللهِ إلهًا آخَرَ وهذا كُفْرٌ.
وكذلك إذا قُلت: يا قُدرَةَ اللهِ أنقِذيني هذا حَرامٌ شِركٌ، قُل: يا اللهُ بقُدرَتِك أَنقِذني، ولا يَرِدُ على هذا قَولُه: اللهُمَّ برحمَتِك أستَغيثُ (٢)؛ لأنَّ ليس مَعناها أنِّي أستَغيثُ بالرَّحمَةِ وكأنَّني أَعتَقِدُها شيئًا مُستقلًّا، لكنَّ المَعنى التَّوسُّلُ إلى اللهِ تَعالى برَحمَتِه كأنَّه يَقولُ: يا رَبِّ أَغِثني برَحمتِك. فيَجِبُ التَّنبُّهُ لهذه المَسألَةِ.
(١) انظر: تلخيص كتاب الاستغاثة (ص: ١٨١). (٢) أخرجه الترمذي: كتاب الدعوات، رقم (٣٥٢٤)، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -.