الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثبات اليوم الآخر؛ لقوله:{عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} وهل يمكن أن يُسْتَفاد منها أنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - تَجوزُ عليه المَعْصِيَة؛ لقوله:{إِنْ عَصَيْتُ}؟
ولكن قد يقول قائل: في هذا نظَرٌ؛ لأنَّ الشَّرْط قد يتحَقَّقُ وقد لا يتحقَّق، وقد يكون تحَقُّقُه مُمْتَنِعًا، مثل قوله تعالى:{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}[الزخرف: ٨١]، وقوله تعالى لرسوله:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر: ٦٥].
إِذَنْ: فهذه الفائِدَة فيها نظر؛ لأنَّ قوله:{إِنْ عَصَيْتُ} لا يدلُّ على أنَّ المعْصِيَة تقع منه، لكن على فَرْضِ أن تقع فإنِّي أخاف.
وقد يقول قائل: إنَّ كَوْنَه يخاف أمرٌ مُحَقَّقٌ {إِنِّي أَخَافُ} وإذا كان أمرًا محققًا فإن المُعَلَّق عليه وهو المعصية يكون كذلك؛ أي: يمكن أن يكون، يعني معناه: أنَّني إن عَصَيْتُ فإنِّي أخاف.
وعلى كلِّ حال: فإن الرَّسولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ثبت عنه أنه كان يدعو الله أن يَغْفِرَ الله له ذَنْبَه أوَّلَه وآخِرَه (١)، وثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - يقول:"اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ"(٢).
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تعظيم يوم القيامة وأنَّه يومٌ عظيم.
ويتفرَّع على هذا: أنَّه ينبغي للعاقِلِ أن يَحْذَر منه.
(١) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، رقم (٤٨٣)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٢) أخرجه البخاري: كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، رقم (٧٤٤)، ومسلم: كتاب المساجد، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، رقم (٥٩٨)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.