وأمَّا الفتح فقيل: هو فتح مكة بخصوصها. قاله ابن عباس وغيره؛ لأنّ العرب كانت تنتظر بإسلامها ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مكة.
وفي "صحيح البخاري"(١) عن عمرو بن سلمة قال: "لمَّا كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم إِلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الأحياء تَلوَّمُ (٢) بإسلامها فتح مكة فيَقُولُونَ: دعوه وقومه، فإن ظهر عليهم فهو نبي".
وعن الحسن قال:"لمَّا فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قالت العرب: أما إذا ظفر محمد بأهل مكة، وقد أجارهم الله من أصحاب الفيل فليس لكم به يدان. فَدَخلوا في دين الله أفواجًا".
وقيل: إِنَّ الفتح يعم مكة وغيرها مما فُتح بعدها من الحصون والمدائن، كالطائف وغيرها من مدن الحجاز واليمن وغير ذلك، وهو الَّذِي ذكره ابن عطية.
المراد بالناس العموم عَلَى قول الجمهور، وعن مقاتل: أنهم أهل اليمن.
وفي "مسند الإمام أحمد"(٤) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لمَّا نزلت هذه السورة: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ختمها، فَقَالَ: "«النَّاسُ حَيِّزٌ وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ». وقال:«لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» وأن مروان كذَّبه فصدق رافع بن خديج وزيد بن ثابت أبا سعيد عَلَى ما قال.