وباطن بهذا المعنى، وكلاهما مراد، غير أن الثاني لا يعتد به إلا إذا لم يكن مناقضاً للأول، وكان له شاهد من مقاصد الدين ومراميه " (١) .
والإمام الغزالى من قبل أفاض في الحديث عن الظاهر والباطن، وقسم الباطن إلى خمسة أقسام:
القسم الأول: أن يكون الشىء في نفسه دقيقاً تكل أكثر الأفهام عن دركه، فيختص بدركه الخواص.
القسم الثاني: من الخفيات التي يمتنع الأنبياء والصديقون عن ذكرها، ما هو مفهوم في نفسه لا يكل الفهم عنه، ولكن ذكره يضر بأكثر المستمعين ولا يضر بالأنبياء والصديقين.
القسم الثالث: أن يكون الشىء بحيث لو ذكر صريحاً لفهم ولم يكن فيه ضرر، ولكن يكنى عنه على سبيل الاستعارة والرمز.
القسم الرابع: أن يدرك الإنسان الشىء جملة ثم يدركه تفصيلاً بالتحقيق والذوق.
القسم الخامس: أن يعبر بلسان المقال عن لسان الحال، فالقاصر الفهم يقف على الظاهر ويعتقده نطقاً، والبصير بالحقائق يدرك السر فيه (٢) .
(١) أصول التشريع الإسلامى ص ٢٥ ـ ٢٦. (٢) راجع هذه الأقسام بالتفصيل، والحديث عن الظاهر والباطن في إحياء علوم الدين: ... ١ / ١٧١ ـ ١٨٠، والصوفية لهم حظ معلوم من التأويل! وانظر ما كتبه أستاذنا العلامة المرحوم أبو زهرة عن ظاهر القرآن وباطنه عند الجعفرية، والموازنة بين كلامهم وكلام الغزالى " الإمام الصادق ص ٣٠٥ ـ ٣١٥ ". وراجع الفرق بين قولهم وما ذهب إليه جمهور المفسرين في " التفسير والمفسرون ٢ / ٢٨ ـ ٣٢ ". وانظر كذلك أعلام الموقعين " ٤ / ٣١٠ ـ ٣٢٠ " ففيه بحث قيم عن التأويل، وراجع فيه رأى ابن رشد، ومهاجمته للغزالى ولغيره من المتأولة.