وأَخبَر النبىُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنَّ الرجُل من أهل الكِتاب إذا آمَن بكِتابه، ثُم آمَن بمُحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن اللَّه تعالى يُؤتيه أَجرَه مرَّتَين (١)، وقال كثير من أهلِ العِلْم رَحِمَهُ اللَّهُ في قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}[الحديد: ٢٨]: إنَّ هذا هو أَجْر هذه الأُمَّةِ: يُضَاعَفُ على غيرها مرَّتَين.
والمُهِمُّ: أنَّ فَضْل اللَّه تعالى واسِعٌ، فقد يُصيبُ العَامِل أَجْره مرَّتين لسبب من الأسباب.
وقوله تعالى:{وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا}: (أعتَدْنا) أي: هيَّأْنا لها، {رِزْقًا} عطاءً {كَرِيمًا} حسَنًا وكثيرًا، لأنَّ الكَرَم في كل مَوضِع بحَسَبه؛ فالكَريمةُ مِنَ الشَّاة مَعناها: الحسَنة الجميلة، الكثيرة اللبَن، كما في قوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالهِمْ"(٢).
وهُنا المُراد بالرِّزق الكَريم: العَطاء الكثير الحسَن الجميل، وهذا إِنَّما يَكون في الجَنَّة، كما يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[في الجنَّة زِيادةَ].
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: مَزِيَّة عظيمة لزوجات النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حيثُ كانت المَرأةُ إذا عمِلت عمَلًا صالحًا، وأَطاعَتِ اللَّه تعالى ورسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-آتاها اللَّهُ تعالى أَجرَها مَرَّتين.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: كمالُ عَدْل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ فلمَّا ضُعِّفَ لها العَذاب ضُعِّفَ لها
(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٢٥٩)، من حديث أبي أمامة -رضي اللَّه عنه-. (٢) أخرجه البخاري: كتاب الزكاة، باب أخذ الصدقة من الأغنياء، رقم (١٤٩٦)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، رقم (١٩)، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-.