واللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هو الغالِب على أَمْره وهو غالِب على كل شيء، لا شيءَ يَكون أمام غلَبَته.
فصار العزيزُ له ثلاثة مَعانٍ: عِزَّة القَدْر وعِزَّة القَهْر، وعِزَّة الامتِناع، وكلها ثابِتةٌ للَّه عَزَّ وَجَلَّ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بَيان قُدْرة اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حيث رَدَّ هذه الأحزابَ الكثيرة العَظيمة مع ما في قُلوبهم من الغَيْظ والحنَق الشديد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه ردَّهم اللَّه سُبَحَانَهُ وَتَعَالَى بغَيْظهم ما اشتَفَوْا, ولا نالوا مُرَادهم قال اللَّه تعالى:{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ}؛ ولهذا أَثْنى النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على ربِّه بهَزيمة الأحزاب، فقال:"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ"(٢).
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن هؤلاءِ الأحزابَ قدِ امتَلَأت قلوبُهم غَيْظًا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله تعالى:{بِغَيْظِهِمْ}، فإن الباء للمُصاحَبة وللمُلابَسة.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن الأحزاب لم يَنالوا مع هذا التَّعَبِ الشديد خيرًا لا في الدُّنيا
(١) نسبه ابن هشام في السيرة (١/ ٥٣) لنفيل بن حبيب. (٢) أخرجه البخاري: كتاب العمرة، باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو، رقم (١٧٩٧)، ومسلم: كتاب الحج، باب ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره، رقم (١٣٤٤)، من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.