فاللهُ تعالى يوصف ب «العلم» حقيقة، لكن «العلم» المختص به ﷾، والمخلوقُ يوصف ب «العلم» حقيقة، لكن المناسب له، فوصف المخلوق حينئذٍ ب «العلم»؛ ليس فيه تشبيهُ المخلوق بالخالق، ووصف الخالق ب «العلم» - مَثلاً - ليس فيه تشبيه الخالق بالمخلوق.
ف «العلمُ» المحدَث المحدود؛ هو من خصائص المخلوقِ، والعلمُ الأزلي، المحيط بكل شيء، الذي لا تبلغ العقول كنهه ولا مداه؛ هو من خصائص الخالق.
فمن قال:«إن المخلوق يعلم الغيب»؛ فقد شبَّه المخلوقَ بالخالقِ، فالقدريةُ الغلاةُ وقعوا في ضرب من التشبيه في قولهم:«إنه تعالى لا يعلم الأشياء إلا بعد وقوعها»؛ وهو: تشبيه الخالق بالمخلوق.
وقول اليهود:«يد الله مغلولة»(١) من تشبيه الخالق بالمخلوق؛ لأنهم وصفوا الله بخصائص المخلوق، فاليهودُ بهذا القول مشبهةٌ، وكذا قولهم:«إن الله لما خلق السموات والأرض استراح»(٢)، فيه تشبيه للخالق بالمخلوق.
وأما قول النصارى:«إنَّ عيسى ابنُ الله»(٣)، ففيه تشبيه الخالق بالمخلوق من وجه، وذلك بنسبة الولد إليه، وفيه - أيضاً - تشبيه
(١) ذكره الله تعالى عنهم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ [المائدة: ٦٤]. (٢) رواه الطبري ٢٠/ ٣٨٢، والحاكم ٢/ ٥٤٣ من حديث ابن عباس ﵄ مرفوعاً، وقال: «صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، وتعقبه الذهبي بقوله: «أبو سعد البقال، قال ابن معين: لا يكتب حديثه». (٣) ذكره الله تعالى عنهم: ﴿وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ﴾ [التوبة: ٣٠].