أما الغلاة؛ فإنهم أنكروا كلَّ المراتب، فانفردوا بإنكار مرتبة العلم والكتابة، وشاركوا سائر القدرية في إنكار مرتبة عموم المشيئة وعموم الخلق.
وقد كفَّر الأئمةُ غلاةَ القدرية (١)؛ كما قال الشافعي:«ناظروا القدرية بالعلم؛ فإن أقروا به؛ خصموا، وإن أنكروه؛ كفروا»(٢).
وطائفة القدرية تعرف عند أهل العلم ب «المجوسية»، أو «مجوس هذه الأمة»، وقد ورد في ذمهم آثار مرفوعة، وموقوفة؛ كما روي في الحديث:«القدرية مجوس هذه الأمة؛ إن مرضوا؛ فلا تعودوهم، وإن ماتوا؛ فلا تشهدوهم»(٣).
(١) نقل شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» ٨/ ٢٨٨ و ٤٣٠ و ٢٣/ ٣٤٩، تكفيرهم عن مالك، والشافعي، وأحمد، وقال في «درء التعارض» ٩/ ٣٩٦: «نص الأئمة على أن من أنكر العلم القديم؛ فهو كافر»، وقال ابن القيم في «شفاء العليل» ص ٢٨ و ٢٨٧: «اتفق سلف الأمة على تكفيرهم». (٢) نسبه إليه ابنُ أبي العز في «شرح العقيدة الطحاوية» ص ٣٥٤. (٣) رواه أحمد ٢/ ٨٦ و ١٢٥، وأبو داود (٤٦٩١ و ٤٦٩٢)، والحاكم ١/ ١٥٩ وقال: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع أبي حازم من ابن عمر، ولم يخرجاه». وقال المنذري في «تهذيب السنن» ٧/ ٥٨: «هذا منقطع سلمة بن دينار لم يسمع من ابن عمر، وقد روي هذا الحديث من طرق عن ابن عمر ليس فيها شيء يثبت». وقال ابن القيم في «تهذيب السنن» ٧/ ٦٠ - ٦١: «هذا المعنى قد روي عن النبي ﷺ من حديث ابن عمر، وحذيفة، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ورافع بن خديج؛ فأما حديث ابن عمر وحذيفة فلهما طرق؛ وقد ضعفت … ». وقال ابن أبي العز في «شرح الطحاوية» ٢/ ٣٥٨: «كل أحاديث القدرية المرفوعة ضعيفة، وإنما يصح الموقوف منها»، وقال في ٢/ ٧٩٧ - بعد ذكر هذا الحديث -: «وروي في ذم القدرية أحاديث أخر كثيرة تكلم أهل الحديث في صحة رفعها، والصحيح أنها موقوفة». =