وكثيرٌ ممن عاش في الكفر؛ يكون أعرف بكمال الإسلام ومحاسنه ممَّن ولد في الإسلام، وعافاه الله من ظلمات الكفر.
فالصحابةُ ﵃ مع أن أكثرهم عاش في الكفر والشرك؛ هم أكمل الناس إيماناً، وهم أعرف الناس بسوء الكفر، وقبح الجاهلية.
وفي أثر عمر بن الخطاب ﵁ المشهور:«إنما تُنقض عرى الإسلام عروة عروة؛ إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية»(١).
ومعرفةُ الجاهلية قد تكون بالعيش فيها قبل الدخول في الإسلام، وقد تكون بالتعلم.
* * *
(١) لم أجد هذا اللفظ إلا في كتب ابن تيمية وابن القيم، ولم يذكرا مَنْ أخرجه، ووجدت أثراً عن عمر ﵁ لفظه: «قد علمت ورب الكعبة متى تهلك العرب، إذا ساس أمرهم مَنْ لم يصحب الرسول، ولم يعالج أمر الجاهلية». رواه ابن سعد في «الطبقات» ٨/ ٢٥٠، والبغوي في «مسند ابن الجعد» ص ٣٤٤، وابن أبي شيبة في «المصنف» ١٧/ ٣٣٢، والحاكم ٤/ ٤٢٨، والبيهقي في «الجامع لشعب الإيمان» ١٢/ ٢٠٤، من طريق شبيب بن غرقدة عن المستظل بن الحصين عن عمر به، وسنده صحيح، ولفظ ابن الجعد: « … إذا ساسهم من لم يصحب الرسول؛ فيقيده الورع، أو يدرك الجاهلية؛ فيأخذ بأحلامهم»، وهذه الرواية تدل على معنى غير الذي قرره شيخ الإسلام من الأثر في «مجموع الفتاوى» ١٠/ ٣٠١، و «درء التعارض» ٥/ ٢٥٩، وغيرها، وابن القيم في «الفوائد» ص ١٥٩، و «مدارج السالكين» ١/ ٣٥١.