ومن كان - أيضاً - أعلم بنعمه وأكثر استحضاراً لها؛ كان أقدر على حمده وشكره.
قوله:(نستعينه)«السين والتاء» في اللغة العربية يفيدان الطلب (١)، فقول العبد:«أستعين الله» بمعنى: «اللهم أعني»، و «أستهديه» بمعنى: «اللهم اهدني»، و «نستغفرك» بمعنى: «اللهم اغفر لنا»، ف «السين والتاء» للطلب في الغالب (٢).
فقوله:(نستعينه) فيه طلب العون من الله تعالى، وطلب العون من الله؛ يتضمن الاعتراف بتفرده تعالى بالملك، وبالعطاء والمنع، والاعتراف بالفقر إليه، قال الله سبحانه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين (٥)﴾ [الفاتحة].
فعلى العبد: أن يعبد ربه، وعليه مع ذلك: أن يتوكل عليه، وأن يستعين به؛ فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله تعالى.
وكذلك في حمدنا له: لا قدرة لنا ولا قوة على حمده؛ إلا بعون منه تعالى، ولهذا قَرَن ذِكرَ الحمدِ بذِكرِ الاستعانةِ.
قوله:(ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا) هذا يتضمن اللجوء إلى الله تعالى، والاعتصام به سبحانه من شرَّين عظيمين: شر النفس، وسيئات الأعمال، ولا يقي العبد ويحفظه من المخاطر
(١) «شرح شافية ابن الحاجب» ١/ ١١٠، و «شذا العَرْف» ص ٤٢. (٢) وتأتي لمعانٍ أخرى؛ ك: «التحول»، مثل: «استحجر الطين»، و «اعتقاد صفة الشيء»، مثل: «استحسنت كذا»، أي: اعتقدت حسنه. المصدران السابقان.