ومن أدلة السنة على ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ في صحيح مسلم، وغيره قال: قال رسول الله ﷺ: «المقسطون عند الله على منابرَ مِنْ نورٍ عن يمين الرحمن، - وكلتا يديه يمين - الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم، وما وَلُوا».
وقوله:«عن يمين الرحمن» أي يلون يده اليمين؛ بدليل قوله:«وكلتا يديه يمين»، ومعنى «يمين»: أي: ذات يُمنٍ، وخير، وبركة. وفي ذلك احتراز لدفع توهم النقص في اليد الأخرى، ولله تعالى يدان، ونطق القرآن بإثبات اليمين، كما قال تعالى: ﴿وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧].
وورد في بعض الألفاظ تسمية اليد الأخرى بالشمال، كما في صحيح مسلم (١)، وفي بعض الألفاظ قال:«اليد الأخرى»(٢).
فإحدى يدي الرب تعالى تسمى:«اليمين»، وله يد أخرى، وإن كان وصف اليمين شاملاً لكلتا يديه ﷾، ولو كانت كلتا يديه تسمى بذلك؛ لم يكن لتخصيص المقسطين بأنهم عن يمين الرحمن معنى، ولصح أن يقال: إنه تعالى: يقبض الأرض بيمينه، وهو خلاف ظاهر القرآن، وظاهر السنة.
* * *
(١) من حديث ابن عمر ﵄. (٢) رواه البخاري (٧٤١١)، ومسلم (٩٣٣) من حديث أبي هريرة ﵁، وجاء في إحدى روايات حديث ابن عمر ﵄ السابق عند أبي داود (٤٧٣٢).