الخلق تشبيه المخلوق بالخالق، فإن المشركين كلَّهم - كما تقدم (١) - واقعون في تشبيه المخلوق بالخالق.
فقوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، ونحوها من الآيات؛ فيها رد على أهل التشبيه، وفيها - وهو المقصود الأول - إبطال الشرك؛ لأن الشرك يتضمن تشبيه المخلوق بالخالق، ولا يوجد في الأمم من يقول:«إنَّ اللهَ مثلُ خلقه من كل وجه»(٢)، وقد يصِف بعضُهم اللهَ بشيء من صفات المخلوق، كما قالت اليهود:«إن الله فقير»، «يد الله مغلولة»(٣)، فالآيات جاءت بإبطال الشرك الواقع، والتمثيل الغالب على الأمم، والله أعلم.
تنبيه:
«الكاف» في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ﴾ للتشبيه، والأصل أنها بمعنى:«مثل»، ويلاحظ في هذه الآية أن «الكاف»، و «مثل» اجتمعتا، فاختلف النحويون والمفسرون؛ فمنهم من قال:«الكاف صِلَةٌ زِيْدَتْ لتأكيدِ مضمونِ الكلام، والمعنى إذاً: ليس مثلَه شيءٌ»، وهذا سهلٌ، وواضحٌ، ولا إشكال فيه.
ومنهم من قال:«إن كلمة «مِثل» هي الصلة، والتقدير: ليس كهو شيءٌ»، وهذا يؤول إلى المعنى الأول؛ لأن «الكاف» بمعنى «مثل»،
(١) ص ٩٤. (٢) انظر ص ٦١١. (٣) ذكر الله ذلك عنهم: ﴿لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء﴾ [آل عمران: ١٨١]، وقال تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا﴾ [المائدة: ٦٤].