وقيل: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُؤْذى بكثرةِ النَّجْوى؛ وكانَ الشيطانُ يوسوسُ في أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقولُ: يوحى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر كذا مما يَغُمُ المسلمين ذلك، وهو قوله:{إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا}[المجادلة: ١٠] فأمر اللهُ سبحانَه أَلَّا يناجيَ أحدٌ النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يُقَدّمَ صَدَقَةً، فتوقَّفَ الناسُ عن النَّجْوى، ثم شَقَّ ذلك عليهم، فنسخَهُ اللهُ سبحانَهُ وتَعالى بقوله:{أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ}[المجادلة: ١٣] الآية (١).
قيل: وهذا مما نُسِخَ قبل العملِ به (٢).
وقيل: إن عَلِيًّا -رضيَ اللهُ تَعالى عنه - عملَ به.
وروى ليثٌ عن مجاهدٍ قال: قالَ عَلِيُّ -رضيَ اللهُ تَعالى عنه -: إنَّ في كتابِ اللهِ لآيةً ما عملَ بها أحدٌ قَبْلي، ولا يعملُ بها أحدٌ بعدي، كان لي دينارٌ، فصرفته، فكنتُ إذا ناجيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تصدَّقْتُ بدرهمٍ حَتَّى نَفِدَ، ثم نُسِخَتْ (٣).
* * *
(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ٣١٥). (٢) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للقاسم بن سلام (ص: ٤١٠)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٨/ ٢٣٥). (٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٢١٢٥). وانظر: "تخريج الأحاديث والآثار" للزيلعي (٣/ ٤٣٠)، و"تفسير ابن كثير" (٤/ ٣٢٧).