إذا امتثلت أوامره، واجتنبت نواهيه. . كان حجة لك في المواقف التي تسأل عنه فيها؛ كمسألة الملكين في القبر، والمسألة عند الميزان، وفي عقبات الصراط، وإن لم تمتثل ذلك. . احتج به عليك، ويحتمل أن يراد به: أن القرآن هو الذي ينتهى إليه عند التنازع في المباحث الشرعية والوقائع الحكمية؛ فبه تستدل على صحة دعواك، وبه يستدل عليك خصمك.
(كل الناس يغدو) أي: يبكر في أشغاله، (فبائع) أي: فمنهم بائع (نفسه) بطاعات الله تعالى. . (فمعتقها) أي: فهو يعتقها من عذاب الله تعالى، (أو) بائع؛ أي: فمنهم بائع نفسه للهوى والنفس والشيطان؛ أي: بائع بمعصية الله تعالى. . فـ (موبقها) أي: فيهلكها بالعذاب؛ باتباع ما ذكر؛ أي: بالمعاصي.
وفي "المفهم": (كل الناس يغدو) أي: يبكر، يقال: غدا يغدو غدوًا؛ إذا خرج صباحًا في مصالحه، وراح؛ إذا رجع بعشي.
ومعنى ذلك: أن كل إنسان يصبح ساعيًا في أموره متصرفًا في أغراضه، ثم إما أن تكون تصرفاته بحسب دواعي الشرع والحق. . فهو الذي يبيع نفسه من الله تعالى، وهو بيع آيل إلى عتق وحرية؛ كما قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}(١)، أو إما أن تكون بحسب دواعي الهوى والشيطان. . فهو الذي باع نفسه من الشيطان فأوبقها؛ أي: أهلكها، ومنه قوله تعالى:{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا}(٢)، ومنه قول ابن مسعود:(الناس غاديان؛ فبائع نفسه فموبقها، أو مفاديها فمعتقها). رواه الطبراني بإسناد جيد.