(قالت) عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه) المبيت (فيعدل) بين نسائه؛ أي: يسوي بينهن في البيتوتة، فلا يفاضل بينهن، استدل بهذا الحديث من قال: يجب القسم على النبي صلى الله عليه وسلم، وذهب بعض المفسرين إلى أنه لا يجب عليه، واستدلوا بقوله تعالى:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ ... } الآية (١)، وذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم.
(ثم) بعد قسمه بينهن (يقول: اللهم؛ هذا) العدل (فعلي) أي: قسمي؛ كما في "أبي داوود"(فيما أملك) أي: فيما أقدر عليه (فلا تلمني) أي: فلا تعاتبني ولا تؤاخذني (فيما تملك) أنت (وَلَا أملك) أي: لا أقدر أنا على التسوية فيه؛ من زيادة محبة بعضهن على محبة بعض؛ فإن ذلك من عمل القلب، فأنت القادر على التسوية في ذلك لا أنا؛ لأنك مقلب القلوب.
ظاهره: أن ما عداه مما هو داخل تحت ملكه وقدرته .. تجب التسوية فيه، ومنه: عدد الوطآت والقبلات، ولكن التسوية فيهما غير لازمة إجماعًا، والحديث يدلُّ على أن المحبة وميل القلب أمر غير مقدور للعبد، بل هو من الله تعالى، ويدل عليه قوله تعالى:{وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} بعد قوله: {لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}(٢)، وبه فسر:{وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}(٣).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب النِّكَاح، باب
(١) سورة الأحزاب: (٥١). (٢) سورة الأنفال: (٦٣). (٣) سورة الأنفال: (٢٤).