قد أخرجت (عبادًا لي) من مقرهم ووطنهم (لا يدان) أي: لا طاقة (لأحد) من الناس ولا قدرة (بقتالهم) أي: على قتال أولئك العباد؛ واليدان: كناية عن القوة؛ لأنهما مظهر القوة، قال الأبي: وعبر عنها باليد؛ لأن الدفاع لا يكون إلا بها، وثنيت مبالغة، كأن يديه معدومتان للعجز عن دفعهم.
وإعرابه:(يدان): مثنى اللفظ مفرد المعنى في محل النصب اسم (لا)، مبني على فتح مقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الحكاية، وخبر (لا) الجارُّ والمجرورُ المذكورُ بعده؛ تقديره: لا قُوَّةَ ولا طاقة لأحدٍ على قتالهم.
وقوله:(أخرجت عبادًا لي) أي: أظهرت جماعة منقادة لقضائي وقدري؛ والمراد بهم: يأجوج ومأجوج، والمعهود في الكتاب والسنة جميعًا أنه إذا قصد بالعباد الكفار والطغاة .. أضيفوا إلى الله سبحانه وتعالى بوإسطة اللام؛ كما في قوله تعالى في سورة الإسراء:{بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ}(١).
وأما إن أريد بهم: المسلمون والصلحاء .. أضيفوا إلى الله تعالى بلا واسطة؛ كقوله تعالى:{يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ}(٢)، وكقوله هنا:(فأحرز عبادي) المؤمنين؛ أي: فاجمعهم (إلى الطور) أي: إلى جبل الطور، فأُضيفوا إلى الله بدون واسطة اللام، والطور: جبل معروف بالشام.
وقوله:(فحرز) - بتشديد الراء - من التحريز، مأخوذ من الحرز، والمراد بالعباد هنا: المسلمون؛ أي: ضمهم إليه، واجعله حرزًا لهم، يقال: أحرزت الشيء أحرزه إحرازًا؛ إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ؛ أي: ارتحل