وجَدِيس (١). ووصفهم بالعَربِ البائدةِ، لا يعني الفناء الكاملَ للأفراد، وإِنَّما يعني زوال كيان القبيلة واندثار اسْمها، مع بقاء آحادِ أو {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨)} [الفرقان: ٣٨] مَجموعات دخلت في القبائل الأخرى الباقية.
والله عزَّ وجلَّ وصف عادًا بـ {الْأُولَى} في آيةٍ واحدةٍ في سورة النجم فقال: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (٥٠)} [النجم: ٥٠](٢)، وذكرها في ثلاث وعشرين سورة أخرى دون وصف (٣). وأشار سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلى قبائل أخرى غيرها فقال: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨)} [الفرقان: ٣٨](٤).
وهذه القبائلُ سكنت جزيرةَ العرب، فقد أخبر الله تعالى عن موطن قوم هود عليه السلام فقال:{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ}[الأحقاف: ٢١](٥)، وأشار إلى قوم صالح عليه السلام، وهم ثَمود، الذين يَقطنون الحِجْرَ (٦)، فسمَّاهم الله أصحابَ الحِجْرِ في قوله: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠)} [الحجر: ٨٠](٧)، وسُمِّيت سورتان في القرآن الكريمِ بالحِجْرِ والأحقافِ (٨) إشارةً إلى هذين الموضعين. وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦)} [آل عمران: ٩٦](٩). وذكرت كتب التاريخ أَنَّ طَسْمًا وجَديسًا وسواهُما كانت في اليمامةِ وفي مواضعَ أُخرى من الجزيرة (١٠).
(١) قبيلة من قبائل العرب العاربة البائدة، كانت مساكنهم باليمامة مجاورين لِطَسْم. انظر: الاشتقاق ٥٢٤، المفصل في تاريخ العرب لجواد علي ١/ ٢٩٤. (٢) النجم ٥٠. (٣) انظر: المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لعبدالباقي ٦٢٦ - ٦٢٧. (٤) الفرقان ٣٨. (٥) الأحقاف ٢١. (٦) تقع الحجر بوادي القرى بين المدينة والشام كما في معجم البلدان ٢/ ٢٥٥، وهي اليوم وادٍ شَمال مدينة العُلا، وليست هي مدائن صالح، وإنما هي من مساكن ثمودَ قومِ صالح عليه السلام، كتب حمد الجاسر بحثًا بعنوان «ليس الحِجْرُ مدائنَ صالح».بمجلة العرب ١٣/ ٣ - ٥ وضح فيه موقع الحجر، وأنه واد لا يزال يعرف باسمه هذا إلى اليوم. انظر: معجم الأمكنة الوارد ذكرها في القرآن الكريم لسعد بن جنيدل ١١٥ - ١٢٦. (٧) الحجر ٨٠. (٨) تقع الأحقاف بين عُمَان وحضرموت من أرض اليمن، كما في معجم البلدان ١/ ١٤٢، وتعرف الآن بالربع الخالي، جنوب شرق جزيرة العرب. انظر: معجم الأمكنة الوارد ذكرها في القرآن الكريم ١٢. (٩) آل عمران ٩٦. (١٠) انظر: المفصل في تاريخ العرب لجواد علي ١/ ٢٩٤ وما بعدها.