للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وأنى تستعمل تارة بمعنى كيف) ويجب أن يكون بعدها فعل (نحو: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) ...

===

السؤال يومهم على النار يفتنون، فإن قلت: إن الإخبار بأيان عن يوم القيامة مشكل؛ وذلك لأن اسم الزمان لا يخبر به إلا عن الحدث ولا يخبر به عن الجثة ويوم القيامة كالجثة، قلت فى الكلام حذف مضاف والتقدير: أيان وقوع يوم القيامة أى: يوم القيامة يقع فى أى زمان؟ فلم يلزم الإخبار المذكور، فإن قلت: إن السؤال عن زمان وقوع اليوم الذى هو من أسماء الزمان يلزم عليه أن يكون للزمان زمان يقع فيه، قلت: يجوز أن يعتبر الأخص ظرفا للأعم والعكس وما هنا من هذا القبيل؛ وذلك لأن المستقبل أعم من يوم القيامة؛ لأنه من النفخة الثانية إلى دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، واعترض على المصنف والشارح فى تمثيلهما بأيان يوم القيامة وأيان يوم الدين بأنه كلام محكى عن الإنسان الذى يحسب أن لن يجمع الله عظامه وهو لا يقصد تفخيم يوم القيامة؛ لأنه لا يقر به، اللهم إلا أن يقال إن التفخيم قد تحقق باعتبار أن هذا القائل يقول هذا السؤال بناء على اعتقاد المخاطب استهزاء به وإنكارا عليه أو يقال: إن هذه الحكاية عن ذلك الإنسان بالمعنى وعبر فيها بما يقتضى التفخيم إشعارا بعظم اليوم نفسه، وإن كان الجاحد لا يقر به

(قوله: وأنّى) أى: الاستفهامية وقوله تستعمل إلخ يحتمل أن تكون حقيقة فى الاستعمالين فتكون من قبيل المشترك، وأن تكون مجازا فى أحدهما، وسيأتى فى الشارح

(قوله: تارة) أى: مرة بعد مرة كما فى الصحاح فجردت عن بعض معناها

(قوله: ويجب أن يكون بعدها فعل) أى: بخلاف كيف وظاهره أنه لا فرق بين الماضى وغيره وهو كذلك، فالأول كالآية المذكورة، والثانى كقوله تعالى: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها (١)

(قوله: فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٢) قيل: إن أنّى فى هذه الآية غير الاستفهامية، إذ لو كانت كذلك لاكتفت بما بعدها؛ لأن من شرط الاستفهام أن يكتفى بما بعده من فعل نحو: أنى يكون لى ولدا أو اسم نحو: أنى لك هذا بل هى شرطية بمعنى كيف الشرطية وجوابها محذوف أى: أنى شئتم فأتوا وحذف الجواب لدلالة فأتوا


(١) البقرة: ٢٥٩.
(٢) البقرة: ٢٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>