مناقشته في آية:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ}[النساء: ٨٣] جانباً، فإن الصواب ما قاله المحققون من أن المراد بها: كبار الصحابة البصراء في الأمور، ونأخذ بأطراف الحديث معه في آية:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩]، فنقول: إن حمل الآية على الأمراء راجح من وجوه:
أحدها: سبب النزول، ففي "صحيح الإمام البخاري"، رواية عن ابن عباس: أن: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} نزلت في عبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي (١)؛ إذ بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سرية.
قال ابن عيينة (٢): سألت زيد بن أسلم (٣) عن قوله تعالى: {أطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ]، ولم يكن أحد بالمدينة يفسر القرآن بعد محمد ابن كعب مثله، قال: اقرأ ما قبلها، تعرف، فقرأت: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء: ٥٨]، فقال: هذه في الولاة (٤).
(١) عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي القرشي (... - نحو ٣٣ هـ = ... - نحو ٦٥٣ م) صحابي جليل، وتوفي بمصر. (٢) سفيان بن عيينة بن ميمون (١٠٧ - ٩٨ هـ = ٧٢٥ - ٨١٤ م) محدث واسع العلم، وحافظ ثقة، ولد بالكوفة، وتوفي بمكة المكرمة. (٣) زيد بن أسلم العدوي العمري (... - ١٣٦ هـ = ... - ٧٥٣ م) مفسر وفقيه من أهل المدينة. (٤) "فتح الباري" (ج ١٣ ص ا ٩) مطبعة الخشاب.