ومما قاوموا به الدعوة: تعاقدهم علي بني هاشم، وبني عبد المطلب، وبني عبد مناف: أن لا يبايعوهم، ولا ينكحوهم، ولا يكلِّموهم، ولا يجالسوهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكتبوا بذلك صحيفة علَّقوها في سقف الكعبة، واستمروا على هذه المقاطعة نحو ثلاث سنين، حتى رجع بعضهم عن هذا التعاقد، فعادوا إلى نقضه (٢).
ومن أشد ما قاوموا به الدعوة: بسط أيديهم إلى المستضعفين من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسومونهم العذاب، مثل: عمار بن ياسر، وأُمه، وبلال بن رباح، بل وصلت أذيتهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوضعوا على ظهره سَلَى جزور (٣) وهو يصلي عند البيت، حتى جاءت فاطمة - رضي الله عنها -، فطرحته عنه، وبلغ من أذية أهل الطائف له عندما ذهب إلى دعوتهم: أن
(١) والرسول لا يأتي قومه إلا بما يظهره الله على يده حسبما تقتضيه الحكمة. (٢) بعد نقض الصحيفة ببضعة أشهر توفي أبو طالب. وتوفيت خديجة - رضي الله عنها - بعده في تلك السنة. (٣) السلى: جلدة فيها الولد من الناس والمواشي. الجزور: البعير - "القاموس".