إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ﴾ [الكهف: ٦٣] الآية.، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ لَهُ مُوسَى: ﴿آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا﴾ [الكهف: ٦٢]، فَلَمْ يَجِدِ النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللهِ. ﴿قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤]، فَرَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، وَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا، وَلَهُمَا عَجَبًا، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى [نَائِمٌ] (١)، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ أَوْ قَالَ بِأَرْضِي السَّلَامُ - الشَّكُّ مِنْ إِسْحَاقَ - فَقَالَ لَهُ مُوسَى: «أَنَا مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا»، قَالَ: «إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ اللهِ لَا أَعْلَمُهُ، وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ»، قَالَ: فَإِنِّي أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً ﴿قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ [الكهف: ٦٧ - ٧٠] فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ إِلَى السَّاحِلِ فَعَرَفَ الْخَضِرُ، فَحَمَلَ بِغَيْرِ نَوْلٍ (٢) فِي السَّفِينَةِ، فَلَمْ يَفْجَأْ إِلَّا وَالْخَضِرُ يُرِيدُ أَنْ يقلعَ لَوْحًا، فَقَالَ مُوسَى: ﴿أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ﴾ [الكهف: ٧١ - ٧٣]. قَالَ: وَكَانَتِ الْأُولَى نِسْيَانًا، قَالَ: وَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفٍ مِنَ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ مِنَ الْبَحْرِ، فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: مَا نقصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إِلَّا مَا نَقُصَ الْعُصْفُورُ مِنْ هَذَا الْبَحْرِ، فَلَمَّا خَرَجَا مِنَ الْبَحْرِ أَبْصَرَ غُلَامًا مِنَ الْغِلْمَانِ يَلْعَبُ فَتَنَاوَلَهُ فَقَطَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ مُوسَى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (٧٤) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦)
(١) كذا في المخطوط، وانظر: «فتح الباري» (٨/ ٤١٧).(٢) أي: بلا أجرة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute