وقال:{فَإذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أموالهُمْ} بالإطناب ولم يقل (فإذا دفعتموها إليهم) مع أنه قال قبل هذا (فادفعوا إليهم أموالهم) والغرض من هذا كله تأكيد وجوب حفظ أموال اليتامى، ودفعها إليهم كامله سالمة.
قوله:{فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} جواب الشرط، واقترن بالفاء لأنه جملة طلبية.
أي: فأشهدوا عليهم أي على أنكم دفعتم ورددتم أموالهم إليهم، لئلا يقع منهم جحود أو إنكار لما قبضوه (١)، وإزاله للتهمة (٢)، وتفادياً للخلاف، وتحصيناً للأموال وضبطاً للأمور (٣).
قوله تعالى:{وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيبًا}.
كفى: تأتي متعدية كما في قوله تعالى: {وَكَفى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}(٤)، وتأتي لازمة، وعلامة لزومها جر فاعلها بالباء الزائدة (٥) إعراباً لتحسين اللفظ كما في هذه الآية، والأصل: كفى الله حسيباً.
ومعنى {وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيبًا} أي: ما أعظم كفاية الله في محاسبته لعباده، فهو جل وعلا يكفي عن كل أحد، وهي بمعنى حسب: أي حسب هؤلاء وجميع الخلق، ويكفيهم أن الله حسيب عليهم.
حسيباً: تمييز، أو حال (٦).
(١) انظر «تفسير ابن كثير» ٢/ ١٩٠. (٢) انظر «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٤٤. (٣) وقيل الإشهاد على النفقة ورد القرض، كما ذكره القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٤٤ وغيره، وهذا ضعيف لا يدل على سياق الآية، بل السياق يدل على أن المراد الإشهاد على دفع أموالهم كما هو ظاهر الآية وأيضاً فإن الإشهاد علي النفقة فيه مشقة ، إذ لا يمكن للوصي أو الولي أن يشهد على كل نفقة ينفقها على اليتيم من غداء أو عشاء وغير ذلك. (٤) سورة الأحزاب، آية:٢٥. (٥) انظر «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٤٥. (٦) انظر «التفسير الكبير» ٩/ ١٥٧، «الجدول في إعراب القرآن» ١/ ٣٥٣.