أي: في أحكامهن أو في حكم يتعلق بهن، وهو حكم اليتيمة تكون عند وليها، فيرغب أن يتزوجها، لقوله بعد هذا:{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} ولما رواه عروه بن الزبير عن عائشة في سبب نزول هذه الآية (١).
قوله:{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} الأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: قل يا محمد، الله يفتيكم فيهن.
أي: يبين لكم حكم ما سألتم عنه من أمرهن (٢).
فالمستفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمفتي هو الله عز وجل بما ينزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي، كما قال تعالى:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(٣).
قوله:{وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} الواو عاطفة «ما» اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع عطفاً على لفظ الجلاله {الله}(٤).
و «يتلى» بمعنى يقص ويقرأ {عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ}. أي: في القرآن، و «ال» للعهد الذهني، أي: الكتاب المعهود «القرآن» بمعنى مفعول، أي: مكتوب، لأنه مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ كما قال تعالى:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ}(٥). وكما قال تعالى:{فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}(٦) على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وهو مكتوب في الصحف التي بأيدي الملائكة كما قال تعالى:{فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ}(٧).
(١) كما سيأتي تخريجه ص١٠٦. (٢) انظر «الجامع لأحكام القرآن» ٥/ ٤٢٠. (٣) سورة النجم، الآيتان٣ - ٤. (٤) انظر «معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٢/ ١٢٤وقيل «ما» في محل جر عطفاً على محل الضمير في قوله: «فيهن» والتقدير قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب. واختاره أبو حيان.
انظر «معنى القرآن» للفراء١/ ٢٩٠، «جامع البيان» ٩/ ٢٥٩، «البحر المحيط» ٣/ ٣٦٠. (٥) سورة البروج، آلآيتان:٢١ - ٢٢. (٦) سورة الواقعة، الآيتان: ٧٨ - ٧٩. (٧) سورة عبس، الآيات: ١٣ - ١٦.