ب - المسحور الذي أصابه مَسّ. ولقد حمل بعض المفسرين الآيتين على المعنى الأوّل، وبعضهم على المعنى الثاني (١). وذهب آخرون إلى أن لكلّ من الآيتين معنى خاصًّا بها (٢).
٤ - قال تعالى:{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ}[التكوير: ١٧] قالوا: عسعس تحمل معنيين أقبل وأدبر، وينبغي أن تُحمل الآية على أحد المعنيين، فرجّح بعضهم حملها على المعنى الثاني:"أدبر" مستدلًا لهذا الترجيح بقول الله تبارك وتعالى، {كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ} [المدثر: ٣٢ - ٣٣] في سورة المدثر.
وأقول: إن الليل ذكر في القرآن الكريم بقيود وأوصاف متعددة منها: الآية السابقة {وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ}[المدثر: ٣٣] ومنها {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}[الليل: ١] إلى غير ما هنالك من آيات كريمات وكلّ قيد من هذه الأوصاف جاء لحكمة وسبب، فإذا أردنا أن نرجح أحد القولين فيجب أن نتفهم سياق الآيات تفهّمًا تامًّا.
٥ - قوله تعالى:{وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ}[القلم: ٣] ذكر صاحب الكشاف لقوله (غير ممنون) معنيين: "الأوّل غير مقطوع" كقوله تعالى: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}[هود: ١٠٨] الثاني: غير ممنون عليك به" (٣).
ولا مانع من الجمع بين هذين المعنيين، لأنه ليس بينهما تضادّ كالآية السابقة.
٦ - قال تعالى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣] وقد وردت كلمة "خير" في القرآن الكريم مرادًا بها المال سواء كانت نكرة كما في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}[البقرة: ١٨٠] فقد أجمعوا على أن المقصود من (الخير) في الآية المال الكثير.
(١) راجع تفسير ابن جرير الطبري. (٢) راجع إعجاز القرآن للدكتور فضل حسن عباس، والكشاف (٣/ ٣٢٨). (٣) الكشاف (٤/ ٥٨٥).