اتفق أبو زهرة - رحمه الله - مع غيره من الفسرين بتفسير السجود على حقيقته من الانحناء، كما فسّر قوله:{وَقُولُوا حِطَّةٌ} أي: حطّ عنا ذنوبنا، وتغمدنا برحمتك والتوبة إليك.
وفسّر قوله:" {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}[البقرة: ٥٩] بأنهم بدّلوا هذه الكلمة الضارعة الخاشعة إلى كلمة قريبة اللفظ، ولكن فيها معنى مغاير، فقالوا: "حنطة" أي أنهم بدل أن يتوجهوا إلى الله تعالى بالضراعة توجهوا إليه بطلب المادة، والحنطة هي القمح، يتركون الضراعة التي هي نعمة التقوى إلى طلب القوت، وفي ذلك عدول عن إرضاء الله تعالى إلى طلب ما يرضي أهواءهم (٢).
وبتفسيره هذا يتفق مع ما روي في الصحيح بشأن تبديل هذه الكلمة، وإنه بهذا يخالف ما ذهب إليه الأستاذ الإمام في تفسيره، إذ عدّ مثل هذه الأقوال من قبيل الإسرائيليات (٣).
(١) انظر: البحر المحيط، ١/ ٣٥٢. المنار، ١/ ٣٠٩. وابن عاشور، ١/ ٤٩٢. (٢) أبو زهرة، ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣. (٣) المنار، ١/ ٣٢٤ - ٣٢٥.