[قال مُعِدُّه للشاملة: لم يكتب المؤلف (د فضل عباس) رحمه الله، هذا الفصل، ولم يقرأه، كما هو مبين في المقدمة جـ٣/ ٥]
فهو غريب، وتأويله: أن هناك سورة نُسِخت قراءتها وأحكامُها، ونسيان المسلمين لما نُسخ لفظُه من القرآن غيرُ عجيب، على أنه حديث غريب"، ثم قال بعد تبيان أنواع النسخ في القرآن: " .. وعندي أن نسخ التلاوة وبقاء الحكم لا فائدة فيه" (١).
وكلامه هنا -كما هو ظاهر- صريح في إنكار هذا النوع من النسخ. غير أن الشيخ قال عند تفسيره قوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (٧)} [الأعلى: ٦ - ٧]. قال: "والمقصود بهذا أن بعض القرآن ينساه، النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا شاء الله أن ينساه، وذلك نوعان:
أحدهما، وهو أظهرها: أن الله إذا شاء نسْخَ تلاوة بعض ما أُنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَره بأن يترك قراءته. فأمر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يقرأه حتى ينساه النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون. وهذا مثل ما روي عن عمر أنه قال: كان فيما أنزل: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما". قال عمر: لقد قرأناها (٢). وأنه كان فيما أنزل:"لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم"(٣). وهذا ما أشير إليه بقوله تعالى:{أَوْ نُنْسِهَا} هو في قراءة من قرأ {نُنْسِهَا} في سورة البقرة [١٠٦].
النوع الثاني: ما يعرض نسيانُه للنبي - صلى الله عليه وسلم - نسيانًا مؤقتًا كشأن عوارض الحافظة البشرية، ثم يقيّض الله له ما يذكّره به. ففي "صحيح" البخاري عن عائشة قالت: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقرأ من الليل بالمسجد فقال: "يرحمه الله قد أذكرني كذا
(١) ١/ ٦٦٢ - ٦٦٣. والحديث أخرجه مسلم (١٠٥٠) في الزكاة عن أبي موسى الأشعري، وليس عن أنس ٧/ ١٣٩. وأخرج قريبًا من هذه القصة البخاري في الرقاق، ١١/ ٢٥٣. (٢) الحديث في الموطأ، ٢/ ٨٢٤. وابن ماجه، ٢/ ٨٥٣، رقم ٢٥٥٣. وعند الإمام أحمد، ٥/ ١٨٣. (٣) رواه البخاري في الحدود من حديث طويل لعمر، ١٢/ ١٤٤، حديث رقم ٦٨٣٠.