قال الحسن وقتادة وغيرهما: معناه: مصابرة العدو، يعني: في الثبوت، إذا صبرَ هؤلاء، وصَبَر هؤلاء، ورابطوا أعداء الله في سبيله (١) . {وَاتَّقُوا اللَّهَ} ، أي: لم تؤمروا بالجهاد من غير تقوى.
وفي «الصحيحين»(٢) ؛ البخاري ومسلم، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا تَمنَّوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاصبروا» .
وفي «كتاب مسلم» وأبي داود، عن عبد الله بن أبي أوفى، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، قال:«أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أنَّ الجنة تحت ظلال السيوف»(٣) .
فالثبوت في اللِّقاء، والصَّبر عند المسايفة فرضٌ مؤكدٌ بالقرآن والسنة والإجماع، إلا شذوذاً من الخلاف، لا وجْهَ له، نذكره بعد هذا -إن شاء الله تعالى-.
وفي هذا الحديث: النهي عن تمنِّي لقاء العدو، وذلك مما يشكل في الظاهر؛ أن يقال: كيف يُنهى عن ذلك مع كون الجهاد طاعةً مأموراً بها، والطاعات يُثاب
(١) أخرجه ابن جرير في (٣/٢٢١- ط. دار الفكر) ، وابن أبي حاتم (٣/٨٤٧ رقم ٤٦٩٠) ، وابن المنذر (رقم ١٢٩١، ١٢٩٥) ، وعبد بن حميد (ق ١٠١- «المنتخب» ) في «تفاسيرهم» . وانظر: «الدر المنثور» (٢/٤١٧-٤١٨) . وقد مضى هذا الأثر عن الحسن وقتادة. (٢) علَّقه البخاري في «صحيحه» في كتاب الجهاد والسير (باب لا تمنّو لقاء العدو) (رقم ٣٠٢٦) . وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير (باب كراهة تمني لقاء العدو) (١٧٤١) (١٩) - مطولاً. (٣) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير (باب لا تمنوا لقاء العدو) (٣٠٢٥) . و (باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار أخّر القتال حتى تزول الشمس) (رقم ٢٩٦٦) . ومسلم في كتاب الجهاد والسير (باب كراهة تمني لقاء العدو، والأمر بالصبر عند اللقاء) (١٧٤٢) (٢٠) . وأبو داود في «سننه» في كتاب الجهاد (باب في كراهية تمني لقاء العدو) (رقم ٢٦٣١) . وأخرجه البخاري في مواطن متفرقة مختصراً، مقتصراً على بعض ألفاظ الحديث دون بعض (٢٨١٨، ٢٨٣٣، ٢٩٦٥، ٣٠٢٤، ٣٠٢٦، ٤١١٥، ٦٣٩٢، ٧٢٣٧، ٧٤٨٩) .