وكان ذلك سبب انبعاثه لا لنفس العطاء، لكن لإمكان القدرة، إذ كان بالعدم عاجزاً؛ فهو جائز، لا أعلم فيه
خلافاً، وكلاهما مأجور -إن شاء الله-، كما قد وقع في الحديث المتقدم:«للغازي أجره، وللجاعل أجره، وأجر الغازي»(١) ، وأما إن كان غنياً فأعطي كذلك من غير مسألة، فمن العلماء من كره له ذلك، وإليه ذهب مالكٌ (٢) ، وهو الأوْلَى؛ لأنه قادرٌ على الغزو بماله، فلم يكن له اضطرارٌ في إقامة تلك العبادة إلى ما أعطي مثل ما كان للفقير، ومنهم من قال: لا بأس أن يَقْبل -وهم الأكثر- (٣) ، قالوا: فإن احتاج إليه أنْفَقَه، وإن استغنَى عنه فرَّقه في سبيل الله، ولم يختلفوا أنَّ المسألة في ذلك للغنيِّ والفقير مكروهة (٤) ؛ قالوا: من كان غنيًّا فَلْيَغْزُ بماله، ومن كان فقيراً فليجلس في بيته، وبالله تعالى التوفيق.