{قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} اصطفيتها واخترتها واقترحتها على ربِّك.
أخرج ابن جرير (١) عن ابن عباس: قوله: {لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا} يقول: لولا تقبلتها من الله. وعن قتادة: لولا تلقَّيتها من ربِّك.
وقال آخرون: لولا اخترعتها؛ وأيَّدوه بقوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي}[الأعراف: ٢٠٣]، وهو مناسبٌ للأول؛ أي: ليس لي أن أقترح على ربِّي، وإنما عليَّ أن أتَّبع ما يوحيه إليَّ (٢).
ثم علم أنهم سيقولون: فهلَّا أنزلها ربُّك بدون طلبك؟ كما تقدَّم نحو ذلك في الآيات التي تلوناها. فأجيبوا عن ذلك بقوله تعالى:{هَذَا} أي القرآن، {بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي: كفى به آيةً لمن كان موطِّنًا نفسه على أن يتَّبع الحق إذا ظهر له.
ثم علِمَ الله تعالى أنهم سيقولون: فما بالنا لم يحصل لنا ذلك؟ ولا نسلِّم أننا معاندون؛ فقال تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي: أنَّ السبب في كون ذلك لم يحصل لكم هو عنادكم؛ والدليل [ص ٥٧] على عنادكم قولكم: {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت: ٢٦]. فاستمعوا له وأنصتوا، فلا تَلْغَوا، ولا تأمروا باللغو؛ فإن فعلتم