بوصف يكرهه، وهذا الوصف موجود فيه كأن تقول فيه: القصير، وهو قصير فى الواقع، أو تقول: الأبرص، وهو أبرص فى الواقع ونحو ذلك.
وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّهُ: أى وإن لم يكن أخوك المسلم متصفا بالوصف الذى وصفته به فقد افتريت عليه الكذب، فلا يكون من باب الغيبة وإنما يكون من باب البهتان والافتراء عليه.
[البحث]
هذا الحديث من الأحاديث التى جاءت محذرة من أذى المسلم سواء كان حاضرا أم غائبا، وسواء كان حيا أم ميتا، وقد استثنت الشريعة من ذلك أمورا، منها: التظلم من الغنى المماطل فقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مطل الغنى ظلم" وفى لفظ: "لَىُّ الواجد يُحِلُّ عرضه وعقوبته" ومنها التحذير من الاغترار به كتجريح الرواة وقد قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: بئس أخو العشيرة، ومنها الاستشارة كقول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لفاطمة بنت قيس لما استشارته فى شأن زواجها وقد خطبها معاوية وأبو جهم فقال:"أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه أو ضراب للنساء" وأشار عليها بأسامة بن زيد رضى اللَّه عنهما، وقد جمع ابن أبى شريف الأمور المستثناة من الغيبة فى قوله:
الذم ليس بغيبة فى ستة ... متظلمٍ ومُعَرِّفٍ ومُحَذِّرِ
ولمُظْهِر فِسْقًا، ومُسْتَفْتٍ ومَنْ ... طَلَبَ الإِعانة فى إزالة مُنْكَرِ